"مراكز الاصلاح والتأهيل وبرامج الدمج المجتمعي"

"مراكز الاصلاح والتأهيل وبرامج الدمج المجتمعي"
تاريخ النشر: 2014/01/28 - 02:17 مساءا

بقلم : النقيب/ اياد دراغمة
مدير فرع العلاقات العامة والاعلام -اريحا

أعجبني تعبير "القرية الصغيرة النموذجية "، وهذا ما سمعته من مدير مركز اصلاح وتأهيل أريحا التابع للشرطة، أو بالأحرى الذي تديره الشرطة الفلسطينية فيما كان يعرف سابقاً بالسجن المركزي .
والقصة أنني زرت المركز أو القرية كما وصفه الرائد قدري صوافطه، مع مجموعة ووفد من مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية قبل أيام، وتزامن وجودنا مع انطلاق العديد من البرامج في المركز الذي انشىء حديثاً قبل 3 سنوات تقريباً بتمويل اوروبي ، فغرفة الرائد صوافطه تعج بالزوار يومياً، ليس للاستجمام أو الرفاهية أو الزيارة الاعتيادية ، وإنما للعمل والتدريب والتأهيل، ولمن؟ .. بالتأكيد لنزلاء المركز من الرجال والنساء والأحداث (اي من هم دون الثامنة عشرة وأدينوا بارتكاب جرائم أو ما زالوا متهمين ) .
كلنا ندرك ان التأهيل مهم جداً ، وخاصة لمن ارتكبوا جرائم أثرت عليهم وعلى محيطهم ومجتمعهم بالكامل ، وسواء أدينوا أم غير ذلك ، فوجودهم في مكان مغلق حتى لو كان عبارة عن فندق خمس نجوم كما هو الحال عليه في هذا المركز الذي يقع في مربع أمني بالكامل ، فإنه بالتأكيد يعرضهم للضغط والتعب والإرهاق ومن ثم المشاكل والقلاقل والاتجاه نحو العنف.
ولكن الرؤية الثاقبة للشرطة ولقيادتها بضرورة التوجه نحو التأهيل والإصلاح بدلاً من تطبيق العقوبة فقط ، أدت الى ثورة في النظم المعمول بها وضمن قانون عصري لمراكز الإصلاح والتأهيل في فلسطين ، اضافة الى القرارات الحكيمة المرافقة والتي تتبنى النهج المجتمعي الاصلاحي والتأهيلي والقائم على الاستفادة من القدرات الكامنة والطاقات الكبيرة المتوفرة هنا وهناك، مع توفر البنية التحتية، وهي ضرورية بالتأكيد.
وبالفعل، فإن قطار التأهيل والدمج انطلق منذ زمن في مركز أريحا، وأول ما شاهدته وأدهشني والحضور، تلك اللوحات الفسيفسائية المرصعة و التي تزين جدران المركز من الداخل، وفي قطع نادرة أنتجها النزلاء في مشغل الفسيفساء التي افتتح داخل المركز منذ 3 شهور تقريباً، بعد توفير كافة المستلزمات والتدريب المميز، ثم ترى مشاغل أخرى للخياطة والتصميم والأشغال اليدوية والتطريز وأعمال فنية من المجسمات والأشكال الهندسية ،أضافه الى المخبز الحديث الذي ينتج يومياً الخبز لكل من في المركز من ادارة ونزلاء ويتدرب فيه العشرات.
وحكاية القرية هذه صحيحة كما شاهدنا ، فبعد اجراء الامور الادارية الصباحية ، يتوجه عشرات النزلاء والنزيلات كل الى عملة واختصاصه، فهذا يتوجه الى المخبز وذاك الى المشغل وتلك الى المشتل الزراعي المصغر الذي تزرع فيه الورود وبعض الاشجار كاختبار وتجربة انتاج تسويقي يستفيد منها النزلاء بعد التدريب اللازم.
ومنهم يتوجه الى صفوف محو الامية وللدراسة بالتعاون مع التربية والتعليم، ومنهم من تراه يجلس في حلقة دينية الى جانب محاضر من وزارة الاوقاف، بينما تشاهد مجموعة اخرى تجلس في صف تستمع الى منار عرار الاخصائية النفسية من مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، وهي تتحدث لهم عن اهمية التكيف مع المحيط الداخلي وكيفية التعامل مع الصدمات وأساليب حل المشكلات ،اضافة للتكيف مع المحيط الخارجي بعد الخروج من المركز ، وحتى يصبح النزلاء عناصر ايجابيين ومنتجين في المجتمع ، ناهيك عن جلسات تواصل ومتابعة من قبل مديرية الشؤون الاجتماعية .
كما ترى ايضاً تمارين الرياضة الصباحية في صالات اعدت خصيصاً لهذا الغرض، وكل ذلك ضمن برامج متواصلة وليست موسمية تهدف الى الدمج وتغيير السلوك العدواني الى ثقافة التسامح ما بين النزلاء كمجتمع صغير يعمل كخلية نحل وبانتظام مريح ومفيد، وكل الاحترام لهذا النهج والتوجه والى الامام...


جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر الشرطة الفلسطينية

حالة الطقس

أسعار العملات
24 أبريل 2024
العملة
بيع

المناسبات الاجتماعية

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر