التاريخ: 2011-05-01 06:55:17
جنين 30-4-2011 وفا- ثائر أبو بكر
يفقد العمال الفلسطينيون في إسرائيل، إضافة إلى رحلة المعاناة والقهر اليومية، ملايين الشواقل سنويا، بسبب تنكر أصحاب العمل لحقوقهم وتنصلهم منها، ووقوع هؤلاء العمال ضحايا عمليات نصب واحتيال.
وكشفت الدائرة القانونية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في جنين، أن صاحب العمل الإسرائيلي يفضل تشغيل العامل الفلسطيني غير المنظم، للتهرب من دفع المستحقات العمالية التي ينص عليها القانون.
واستنادا إلى إحصاءات الدائرة، يقدر عدد العمال المسجلين من محافظتي جنين وطوباس الذين يعملون في إسرائيل، بنحو 4500 عاملا، إضافة إلى أكثر من 7 آلاف آخرين غير مسجلين.
وقال حسن أبو صلاح مسؤول الدائرة لـ'وفا': إن 'تفضيل العامل الفلسطيني غير المنظم يعود لانتهاء العلاقة بين صاحب العمل والعامل بعد نهاية العمل مباشرة، وفي حالة حدوث إصابة عمل مع مثل هؤلاء العمال، فإن صاحب العمل ينكر هذه الإصابة، كما حدث مع العامل (صالح عودة) من جنين، حيث ادعى صاحب العمل أنه وجد العامل مصابا على الطريق، وأنه أحضره إلى المستشفى ولا يعرفه'.
وأضاف: 'يتكرر هذا الأمر مع العديد من العمال، لكنه في حالة العامل المنظم الذي يحمل تصريح عمل فإن أصحاب العمل يستخدمون أساليب عديدة للتنصل والتهرب من الحقوق العمالية، التي نص عليها قانون العمل، والمتمثلة في التوفير الذي يحصل عليه العامل من مكتب العمل، وكذلك الأتعاب'.
وبيّنت الدائرة القانونية أن الغالبية الساحقة من أصحاب العمل تسجّل للعامل عدد أيام عمل أقل من الواقع، وكذلك أجرة يومية في الحد الأدنى للأجور والبالغة 174 شيقلا، علما أن أجرة العامل قد تصل إلى 400 شيقل .
وقال المحامي المختص في قضايا العمال في إسرائيل، علي زيد، في حديث لوكالة 'وفا' إن 'العمال الذين يعملون داخل المستوطنات، خاصة في منطقة الأغوار، هم الذين يتعرضون لأكثر ظلم واضطهاد واستغلال من قبل سماسرة' .
وأضاف': هذه الشريحة تعمل ليلا ونهارا، دون أي حقوق وضمانات اجتماعية من النقاهة والإجازات السنوية وإصابات العمل، وتعمل هذه الشريحة من خلال رجل يقوم بالسمسرة عليهم؛ أي أن العلاقة المباشرة تكون بينه وبين المستوطن بعد أن يعقد صفقة على أجرة العامل في اليوم لا تتعدى ال70 شيقل، دون أن يحصلوا على أي حقوق أو ضمانات اجتماعية أو تأمين، ويحصل السمسار أجرة على كل عامل تزيد في اليوم عن 150-200 شيقل، وهكذا يفقد هؤلاء العمال سنويا ملايين الشواقل'، مؤكدا أن عمليات النصب والاحتيال تطال أيضا العمال المسجلين بشكل رسمي داخل إسرائيل.
وتابع المحامي زيد: 'أما العامل المسجل الذي يحصل على قسيمة العمل، فهم نسبة عالية جدا حيث أنهم يعملون من خلال تصاريح وقنوات رسمية، إلا أنهم يقعون في فخ النصب والاحتيال من خلال قيام صاحب الشركة أو المصنع بالتلاعب في قسيمة الراتب'.
واستطرد قائلا: 'يستغل صاحب العمل العمال من خلال التقارير المغلوطة في القسيمة فبدلا أن يسجل له في اليوم 300 شيقل تكتب في القسيمة والتقرير أجرته 150 إضافة إلى غياب حقوقه وأتعابه بالكامل في فروق الأجور و المواصلات والحقوق الاجتماعية والنقاهة و والإجازات السنوية ما يتسبب في خسارة ملايين الشواقل'.
وتضاف هذه الخسارة المادية إلى معاناة من الذل والقهر بشكل يومي تثمل في إجراءات الدخول والخروج التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين الذين يدخلون أراضيها.
ووصف العامل، ربحي غباري، كيفية عبور العمال معبر الجلمة شمال جنين، قائلا: 'تبدأ معاناتنا منذ ساعات الفجر، حيث نضطر للاصطفاف في طابور للدخول إلى غرف مظلمة داخل المعبر، ونخضع للتفتيش العاري والاستجواب، ومحاولة ابتزاز من أجل التعامل مع سلطات الاحتلال، وفي حال الرفض، كثيرا ما يكون العقاب سحب التصريح وحرمان العامل من تحصيل لقمة العيش'.
وأضاف: 'كثير من العمال يفقدون عملهم بسبب التأخير على المعبر، ويضطرون إلى العودة إلى بيوتهم بعد رحلة معاناة وعذاب'.
وقال أبو صلاح: 'من أساليب النصب والاحتيال على عمالنا داخل إسرائيل، عدم تسجيل ساعات العمل الإضافية، وعدم دفع بدل المواصلات والنقاهة، وهذا يعني أن توفير العامل وأتعابه سوف يحصل عليها حسب التسجيل، لا حسب الواقع حيث يضيع على العامل ما يقارب من 40-50% من حقوقه، إضافة إلى قيام العديد من أصحاب العمل بإلزام العامل بدفع مبلغ 500 سيقل شهريا بدل تصريح، وهذا يعني أن العامل يدفع بدل توفيره وأتعابه مسبقا، علما أنه قد لا يحصل عليها، وهذا الأمر مخالف للقانون'.
وتطرّق إلى أساليب أخرى يتفنن بها أصحاب العمل في عملية النصب والاحتيال، ومنها قيام العديد من أصحاب العمل بتغيير اسم الشركة بعد كل ثلاث أو أربع سنوات، وذلك دون علم ومعرفة العامل، الذي يجد نفسه بعد مدة من الزمن، وقد عمل لدى عدّة شركات لدى نفس المشغل، إضافة إلى قيام صاحب العمل بتغيير اسم الشركة ونقلها لأحد أقربائه، ما يعني قي حال قيام العامل برفع قضية عمالية، يجد نفسه اشتكى على شركة غير موجودة منذ سنوات، وبالتالي يخسر القضية.
وبيّنت الدائرة القانونية أن العديد من أصحاب العمل يعلنون إفلاس شركاتهم التي عمل بها عمال لسنين طويلة، ويكون هذا الأمر دون معرفة العامل، وهذا يعني أن على العامل أن يتوجه للتأمين الوطني للحصول على أتعابه وأجرته، الأمر الذي يتطلب دفع العامل رسوما مرتفعة تصل إلى 6000 شيقل، علما أن العامل لا يحصل على كافة أتعابه.
وذكر أبو صلاح أن هناك حالات معقدة من النصب على العمال في الأجور والحقوق العمالية، فبعض أصحاب العمل والذين يواجهون شكاوى متعددة، يعملون على إجراء توحيد ملفات، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقسيط أجرة وتعويضات العامل إلى دفعات، قد لا تتجاوز الدفعة عشرات الشواقل شهريا، إذا دفع صاحب العمل .
وكشف أبو صلاح، عن شكل آخر من أشكال سرقة أجور وحقوق العمال، حيث يلجأ بعض أصحاب العمل إلى تأخير قسم من الأجرة الشهرية للعامل، وبعد عدة شهور يقوم صاحب العمل بإيقاف تصريح العمل، ما يعني تراكم الأجور على صاحب العمل، مبينا أن ظاهرة إيقاف تصريح العمل أصبحت تتكرر مع العديد من العمال الذين تقدموا بشكاوى إلى الدائرة القانونية، لأن إيقاف التصريح يعني عدم قدرة العامل على الوصول إلى صاحب العمل والمطالبة بالأجور والأتعاب.
وأضاف: 'في حالة حدوث إصابة العمل، والتي تسجل ارتفاعا كبيرا هذه الأيام، فإن المشغل غير المنظم يقوم بإيصال العامل إلى أقرب نقطة عبور إلى الضفة الغربية، ويتركه هناك دون أية مساعدة إنسانية أو مشاعر' .
وأشار إلى ازدياد عدد القضايا التي تسجل في اتحاد نقابات العمال في جنين، وتتمثل في المطالبة بالتعويضات وبدل إصابات العمل والأجور المترصدة، حيث بلغ عدد القضايا التي سجلت بعد إقامة الجدار الفصل العنصري أكثر من 500 قضية، موزّعة على ما ذكر، وتتابع من قبل محامين من الداخل مختصين في مثل هذه القضايا، وأن الدائرة القانونية تمكنت من تحصيل ما يزيد على 450 ألف شيقل في عام 2010 فقط