التاريخ: 2013-06-17 07:29:06
عشرات الصحفيين المشاركون في مؤتمر اتحاد وكالات أنباء المتوسط، انطلقوا في حافلة صباحا من وسط مدينة رام الله لزيارة ثلاث مدن، للإطلاع على مختلف مناحي حياة شعبنا الفلسطيني.
البداية كانت في مدينة الخليل، حيث سارت الحافلة من مدينة رام الله عبر حاجز قلنديا وهناك شاهدوا ما يعانيه شعبنا من صعوبات في التنقل واختناقات مرورية جراء الحاجز الإحتلالي –قلنديا- الذي يفصل رام الله عن مدينة القدس.
سارت الحافلة باتجاه شرق مدينة القدس حيث اطلع الصحفيون على عمليات التوسع الاستيطاني الهادفة إلى فصل مدينة القدس المحتلة عن الضفة الغربية.
وقبل الوصول إلى مدينة الخليل مرت الحافلة عبر طريق وادي النار، التي وصفها الصحفيون بالطريق الخطرة والتي لا يمكن تخيل سيارات تسير فيها كما قال رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط في مصر شاكر عبد الفتاح، الذي أكد أنه ورغم اطلاعه على معاناة شعبنا من خلال التقارير التي تصله من مراسليه، إلا أن الوضع على الأرض مختلف تماما.
ويضيف عبد الفتاح في تصريحات لوكالة 'وفا'، 'الصورة تبدو مختلفة بشكل كبير على الأرض، الاحتلال أبشع مما كنت أتصور، إنه نظام فصل عنصري بكل ما تعنيه الكلمة، رغم التداخل الكبير بين المستوطنات والقرى والبلدات الفلسطينية، فهم سرقوا كل شيء حتى أسماء القرى وأطلقوها على مستوطناتهم'.
ما أن أكملت الحافلة طريقها وانتهت بسلام من طريق وادي النار، حتى أطلت على مدينة القدس المحتلة إلى الشمال من بلدية العبيدية جنوب بيت لحم، واستطاع الصحفيون رؤية المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، بعد أن حرمهم الاحتلال من دخول القدس.
وشارك قرابة 20 صحفيا من كبار الصحفيين العاملين في وكالات أنباء حوض البحر الأبيض المتوسط من القارات الثلاث أسيا وأفريقيا وأوروبا في أعمال الدورة الثانية والعشرين من اجتماع وكالات أنباء شرق المتوسط 'أمان' الذي تستضيفه فلسطين هذا العام، فيما لم يتمكن عدد أخر من الحضور.
وعلى مشارف الخليل، اطلع المشاركون على معاناة أبناء أكبر محافظة في الوطن جراء الحواجز الاحتلالية، حيث قام جنود الاحتلال بتفحص الحافلة قبل دخولها لمدينة الخليل في حاجزين مختلفين خلال مسافة لم تتجاوز الكيلو متر الواحد.
وفور الوصول إلى مدينة الخليل، توجه المشاركون إلى محيط الحرم الإبراهيمي واستمعوا إلى شرح من رئيس سدنة الحرم الإبراهيمي الشريف حجازي أبو سنينة، حول ما تعانيه البلدة القديمة من اعتداءات المستوطنين، وتضييق جيش الاحتلال الإسرائيلي، لدفع الفلسطينيين لتركها، وساروا بأنفسهم في شارع السهلة وهو امتداد شارع الشهداء وسط الخليل واطلعوا على المحال التجارية المغلقة بأوامر عسكرية إسرائيلية لتسهيل حركة المستوطنين هناك.
وهناك شاهدوا بأم أعينهم صلف المستوطنين وعجرفتهم وهو يتنقلون بصحبة جنود الاحتلال وبصحبة أسلحة يهددون فيها المارة من الفلسطينيين من أبناء الحي.
ثم توجه الوفد لمشاهدة الحرم الإبراهيمي الشريف ثم الصلاة فيه، وقد تعرضوا للتفتيش على ثلاث بوابات قبل الوصول إلى داخل المسجد، لدرجة دفعت المدير العام للوكالة الموريتانية للأبناء يربه ولد إصغير، للقول إنه لم يكن يتخيل أنه في يوم من الأيام سيحتاج إلى كل هذا الجهد من أجل الوصول إلى مكان للعبادة، خاصة إلى الحرم الإبراهيمي، مشيرا إلى أنه سيعود إلى بلاده وسيكتب حول كل ما شاهده في فلسطين، وسيدعو أبناء شعبه لزيارة فلسطين والمساهمة في دعم صمود أهلها بصفتهم خندق الدفاع الأول عن الشعوب العربية والإسلامية.
وأضاف إصغير: ' الزيارة ناجحة بكل المقاييس، فقد اطلع الصحفيون العرب والأجانب على معاناة الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال وهم سيقومون بنقل ما شاهدوه لشعوبهم، فمهم أن يفهم رؤساء التحرير وكبار الصحفيين العاملون في أوروبا وأفريقيا ما يجري على الأرض، لأن الاطلاع على ما يجري يختلف عن القراءة حوله'.
ومن مدينة الخليل، توجهت الحافلة عائدة إلى بيت لحم، للاطلاع على مهد المسيح في كنيسة المهد، وفي الطريق أكد مدير وكالة الأنباء القبرصية السكرتير العام لاتحاد وكالات أنباء المتوسط جورج بنيتياكس، أنه يرى حل الدولتين في تضاؤل، جراء التوسع الاستيطاني الذي يبدو جليا في مختلف أرجاء الضفة الغربية التي زارها، خاصة المستوطنات الفاصلة بين القدس المحتلة والضفة الغربية، كذلك تلك الفاصلة بين مختلف المدن في الضفة.
وأضاف: ' كنت أتوقع أن الوضع في فلسطين مشابه للوضع في الجزيرة القبرصية المقسمة بين اليونان والأتراك، لكن الوضع في الأرض الفلسطينية يبدو أصعب بكثير مما هو عليه في قبرص، ويبدو الفصل العنصري جليا في كل مكان بالضفة الغربية، وأنا أعتقد أنه أقذر من ذلك الذي كان سائدا في جمهورية جنوب أفريقيا في نهاية القرن الماضي'.
وعلى طريق العودة بين بيت لحم وأريحا، قال ممثل وكالة الأبناء اليونانية بابير يوريكورز، إنه قدم إلى فلسطين قبل هذه المرة، لكن ما شهده اليوم يبدو مختلفا عما كان في السابق، فالاستيطان أصبح أكبر بشكل كثير في الأرض الفلسطينية، والعمران الفلسطيني كذلك تطور في المدن بشكل لافت، لكن جيش الاحتلال لا يبدو مختلفا، لا يزال يقمع الفلسطينيين كما كان عليه في السابق.
وتابع:' لا يبدو حد الدولتين ممكنا في حال تواصل الاستيطان، لذا سأكتب من أجل المساعدة في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ومن أجل إقامة دولتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام وأمان'.
أما الصحفية والكاتبة بهية بلمبروك العاملة في وكالة تونس أفريقيا للأنباء، فأكدت أنها سعيدة بهذه الزيارة، وهي لم تحضر من أجل أن تضيف شيئا لفلسطين والفلسطينيين، بل أن حضورها أضاف لها الكثير مما تعرفت عليه وعرفته في فلسطين، فهي للمرة الأولى تشاهد الاحتلال على بشاعته، وهي سعيدة برؤية قبة الصخرة المشرفة ولو عن بعد.
وأشارت بلمبروك إلى أن 'الوجه الحقيقي للاحتلال مقزز ويجب أن ينتهي، وهي ستحث زملاءها على القدوم لفلسطين من أجل روية ما يجري على الأرض والكتابة عنه، ونقل الحقيقة الموجودة على الأرض إلى العالم، فلا يكفي القراءة عن فلسطين عن بعد، بل يجب الحضور لمشاهدة ما يجري، فالحضور مقاومة وليس تطبيعا'.
س