التاريخ: 2021-07-05 11:01:34

إن الفتنة هي الفيصل في الخيروالشر، فإما أن يقع الانسان في الفتنة ويكون في الضلال والظلمات وإما أن يتمكن منها فيكون في الهداية والنور فمثلاً فتنة الأهواء والعزة وفتنة المال والسلطة وفتنة الأولاد والكثرة فإن جميعها أدوات يمكن أن تستخدم في الخير وممكن أن تستخدم في الشر، فمثلاً فتنة الأهواء والعزة فالإنسان ممكن أن يصاب بإتباع الهوى وتغليبه على سائر القيم والمبادئ الإنسانية والتشريعية لنيل العزة والزهو غير المحمود من خلال الخوض في الطرق المحرمة مثل المخدرات والمسكرات والقمار وغيرها؛ فإن الأنسان الذي يكون ضعيف الإيمان يكون ضعيفاً أمام تلك المغريات فتصبح تلك المحرمات فتنة له ووبالاً عليه فتؤدي به إلى الهلاك، وأما المال والسلطة فإنهما مصدرين مهمين في وقوع الإنسان في البطش وهلاك الأمة من خلال استخدام السلطة استخداماً غير صحيح و استخدام المال في ما يدعم سلطته ويقوي شوكته وأما فتنة الأولاد والكثرة فإنه يعتقد أن الأولاد وكثرتهم سوف يخلصوه من مكاره الدهر ويكونون له درعاً حصينة لا أحد يمكنه اختراقه مهما حصل وينسى القدرة الإلهية عليه التي وهبته تلك النعمة فالبعض يستخدم أولاده وكثرتهم في الاعتداء على الآخرين والتجاوز على حقوقهم فتتحول نعمة الأولاد من زينة الحياة الدنيا إلى فتنة الحياة الدنيا كما في قوله تعالى:(المالُ والبَنُونَ زينةُ الحياةِ الدُّنيَا) وفي آية أخرى (إنما أموَالُكُمْ وأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ).

 وأما مخاطر الفتن على الفرد وعلى المجتمع كثيرة لا يمكن إحصائها وخصوصاً ونحن في زمن التطور الذي لا يحاكي الدين والشريعة فلا يبالون أصحابه رأي الدين والشريعة في أعمالهم واكتشافاتهم فمثلا هناك بعض البرامج التكنلوجية التي لا تراعي الحلال والحرام في أعمالها فيقع في حبائلها الشباب بحجة التطور وأن العلم ليس ضد التطور فهذا مفهوم خاطئ فالدين مع التطور والعلم ما دام فيه منفعة وفائدة وأما إذا كان فيه فساداً و دماراً للمجتمع فيكون محرماً وينهى عنه الشارع ، فهناك أشياء تمارس عند الشباب بحجة العلم والتطور ولكنها مبطنة ببطانة الفساد ، فيصبح بعض التكنلوجيا المتطورة فتنة لأنها مغلفة فخارجها جميل أنيق وأما باطنها فاسد مفسد

وقد أشار الامام علي  السلام على مخاطر الفتن وبدء نشؤها حيث قال عليه السلام إنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله، يتولى فيها رجال رجالا، ألا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف، ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، لكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجللان معا، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى. إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآلة) يقول: كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير.

وكيفية الاتقاء من شرور الفتن والامن من منزلقاتها الخطرة التي تؤدي بالفرد المؤمن الى ما لا تحمد عقباه  يقول الباري عز وجل في كتابه الكريم (احسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)، (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم) وفي هذه الآية اشارة واضحة الى أن كل عبد من عباد الله معرض للفتنة والافتتان في هذه الحياة الدنيا، والعبرة هي ان يسعى الانسان جاهدا لتحصين نفسه وذاته من الوقوع في حبائل الفتن ويكمن ذلك في التمسك والالتزام بأحكام الشريعة الاسلامية والسير على نهج وخطى ال البيت عليهم السلام والتفقه في احكام الدين المتمثلة في الحلال والحرام ليتعرف المؤمن على واجبه الشرعي اثناء مواجهة  الفتن، كذلك يتوجب على المؤمن الموالي ان يكثر من ذكر الله تعالى وفي كل الاحوال فذلك يجلب التوفيق ويقي المؤمن من الوقوع في مطبات الفتن ، كما يتوجب على الانسان العاقل ان يتمهل قبل الولوج في أمر ما ويستشير أهل العلم والصلاح والاستعانة بخبراتهم قبل الاقدام على أمر ما وذلك لتجنب الفتن التي تحيط بنا.

وختاما لابد لنا أن نشير الى أحاديث آل البيت (عليهم السلام) التي تحدثت عن الفتن وعن مخاطرها على الفرد وعلى المجتمع  منها قول الرسول الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): إن لكل أمة فتنه وفتنة أمتي المال"، وقول الامام علي(ع): "رب مفتون بحسن القول فيه".