التاريخ: 2025-05-09 10:46:52
بقلم: العميد لؤي ارزيقات – الناطق الإعلامي باسم الشرطة
رام الله – المديرية العامة للشرطة
لم تكن طرقات مدننا وقرانا ومخيماتنا مألوفة بهذه الظاهرة. لم نعتد على مشاهد مركبات تتسابق بسرعة جنونية، بعضها مهترئ، وكثير منها حديث، تسير بلا ضوابط، وكأن من بداخلها في سباقٍ مع الريح، غير مدركين أن الموت يتربص بهم في كل لحظة.
المشهد المؤلم يتكرر: أطفال بعمر الزهور، لم تتجاوز أعمارهم سنوات الطفولة المبكرة، يجلسون خلف مقود مركبات غير قانونية، بعضها مشطوب أو مسروق، دون أي معرفة أو وعي بقوانين السير ولا بخطورة ما يفعلونه. لم تنضج عقولهم بعد لفهم معنى المسؤولية، ولم تكتمل لديهم المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، فكيف لهم أن يدركوا فداحة ما يقدمون عليه؟
ما يرونه متعة ونشوة وتقليدًا للآخرين، هو في حقيقته مجازفة قاتلة. لحظة استهتار واحدة كفيلة بإنهاء حياتهم أو تحويلهم إلى أجساد عاجزة ترهق أسرهم بحزن دائم واحتياجات لا تنتهي. حوادث السير التي يذهب ضحيتها أطفال يقودون مركبات غير قانونية ليست مجرد أرقام في تقارير، بل قصص مأساوية لأسر فقدت فلذات أكبادها أو تعيش اليوم مع أطفال باتوا مقعدين بعد أن كانوا يملؤون البيت فرحًا وحركة.
وفي كل مرة، يدفع الأهل الثمن، سواء بالحزن على فقدان أبنائهم أو بتحمل تبعات إصابتهم. كما يدفع المجتمع بأكمله كلفة هذه الظاهرة: شبان فقدوا أطرافهم، وآباء يعملون ليلاً ونهارًا لتغطية احتياجات لم تكن لتوجد لولا غياب الرقابة والردع.
إلى متى ستبقى هذه المركبات المشطوبة والمسروقة وسيلة لقتل الطفولة بأيدينا؟ ومتى سنتخذ موقفًا حازمًا لا يساوم، لوقف هذه الكارثة التي نخسر فيها أعز ما نملك؟