فلسطين تجف!!

تاريخ النشر: 2010/12/01 - 08:22 صباحا
نهر الأردن (الحدود الأردنية- الفلسطينية) 1-12-2010 وفا- جميل ضبابات
يشير مقياس وضع في المكان الذي عمد فيه السيد المسيح على نهر الأردن إلى أن ارتفاع منسوب المياه يصل إلى (80سم).
وتجري المياه التي تشوبها الرواسب نحو أدنى نقطة على سطح الأرض، تجري إلى أملح البحار، البحر الميت الذي يتآكل سنة بعد أخرى.
النهر يضمحل ويتلوث، وأشجار الطرفا ونبات الحلفا تتلاشى، وثمة غبار يتكور في الأفق والجفاف يسود، والهضاب الرسوبية تعطي انطباعا بتوغل الصحراء إلى عمق الحياة هنا.
وعلى مقربة من رهبان كانوا يؤدون صلاة سنوية، قال مؤمن مسيحي قدم من الهند: إن النهر يسير ومحمي بإرادة الله، لكنه لا يدرك أن النضوب الذي يزداد عاما تلو عام يقلل من فرص حياة (الشريعة) المقدسة في المنطقة التي تشكل فاصلا بين الأرض الفلسطينية والمملكة الأردنية.
وثمة سيطرة إسرائيلية كاملة على حصة الفلسطينيين من نهر الأردن، وحالة من الجفاف تسيطر على فلسطين وإقليم الشرق الأوسط.
وجاء تأخر الشتاء ليزيد الطين بلة، ويسرى التشاؤم بقوة مع تأخر الشتاء.
بالنسبة لشتاءات فلسطين الواقعة ضمن فلك مناخ حوض البحر المتوسط، البارد والماطر، فإن خريفا غير مبللاً مثل هذا الخريف، دفع الحكومة إلي مضاعفة التفكير بالسيناريوهات السوداء المحتملة.
وليس هناك أي رائحة للشتاء، وفقط هنا في الطريق المؤدي إلى نهر الأردن رائحة الغبار تعبق في أنوف المؤمنين القادمين من كل أنحاء الأرض، وثمة ريح ساخنة تسري في قاع العالم، في الأخدود العظيم الذي يشهد على جفاف الأرض ويعتبر إحدى علامات الجفاف الكبرى.
وقال رئيس سلطة المياه د. شداد العتيلي: 'مشكلتنا مع الجانب الإسرائيلي هي مشكلة حقوق. لا نأخذ ولا قطرة ماء من نهر الأردن'.
وحسب اتفاقية جونستون المتعلقة بتوزيع مياه النهر فإن حصة الفلسطينيين تبلغ 220 مليون م3، لكنهم يستفيدون منها 'صفرا مكعبا'.
وتعتبر السنة الحالية من أكثر السنوات جفافا خلال العقود الماضية، ودقت السلطة الوطنية ناقوس الخطر.
وقال وزير الزراعة إسماعيل دعيق لمراسل 'وفا': 'نحن نعيش وضعا خطيرا جدا، هذا الموضوع الأكثر خطورة بعد القضية السياسية، يجب أن ندرس كافة الاحتمالات'.
وقال المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية الفلسطينية عماد الأطرش، التي تتخذ من بيت لحم مقرا لها، إن درجة الحرارة هذا العام أعلى من معدلها السنوي، ما يزيد الطلب علي كميات المياه وخصوصا في فترة الشتاء.
وأضاف الأطرش الذي يعمل على رصد آثار التغير المناخي العالمي في الأرض الفلسطينية: 'على الجميع فهم هذه المشكلة وإعطائها الاهتمام الكبير'.
ويذهب الأطرش إلى أبعد من ذلك، وينادي بإعلان حالة الطوارئ على المستوى الرسمي والشعبي، تشمل تكثيف النشرات الإعلامية في جميع وسائل الإعلام المتاحة بضرورة المحافظة علي المياه في هذه الفترة، ورفع مستوى الوعي المائي.
وتعتبر ظاهرة التغير المناخي من أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية، وهي تهدد الغطاء النباتي وحتى سلوك البشر.
وقال الأطرش: إن 'برية القدس والبحر الميت مثالان صارخان للتغير المناخي.(...) لقد أصبحا نظامين مناخيين مختلفين'. وعمليا تعاني الأرض الفلسطينية من شح الموارد المائية بسبب سيطرة إسرائيل عليها منذ  العام 1967.
وقال وزير الزراعة: 'نحن نطرق جرس الإنذار الآن. ثمة مشكلة قائمة علينا مواجهتها، وطالب باجتماع وشيك لمجلس المياه الفلسطيني'.
وبالنسبة للحكومة التي تنظر إلى الموضوع على أنه جزء من الموضوع السياسي المعقد، فإن قضية المياه مشكلة ترفع برأسها مع استمر الجفاف بقوة.
وقال دعيق: 'الخطر الحقيقي قادم. يبدو أنه ليس هناك مطر في هذا الشهر. وليس معلوما إذا كانت الأمطار ستسقط في الشهر المقبل'.
وتبحث الحكومة عن حلول فورية للمشكلة وأخرى بعيدة المدى. وثمة عمل بدأ لإنشاء أول السدود في الأرض الفلسطينية.
وقال دعيق: 'بدأنا عمليا بإنشاء هذا السد في منطقة العوجا، نأمل أن ننتهي منه خلال شهرين بدون أي معيقات إسرائيلية'.
وهناك ثمة دعوات لإيجاد حلول ما قد لا تتفق مع الرؤية الفلسطينية.
ودعت منظمة أصدقاء الأرض في الشرق الأوسط، لتشكيل مؤسسة مشتركة من حكومة إسرائيل والسلطة الوطنية وطرف ثالث لتوزيع المياه بين إسرائيل والسلطة.
وأكدت في اقتراحها أن المقترح يعتمد بالأساس على الصراع بكل ما يتعلق بالمياه، وأن الاقتراح الجديد يختلف كليا عن اتفاقية أوسلو المتعلقة باستعمال المياه.
وجاء في الاقتراح 'لقد فشل الاتفاق الذي وقع عام 1995 لأن إسرائيل قامت بسحب مكثف للمياه في الضفة ولم يكن هذا الأمر عادلا'.
وأضاف: 'يجب الأخذ بعين الاعتبار المساواة في توزيع المياه بين الفلسطينيين والإسرائيليين'.
وقال ممثل إسرائيل في المنظمة جدعون برومبرج: إنه 'يجب التوصل إلى اتفاق حول المياه دون ربط ذلك بالتقدم بالعملية السلمية'.
وقال العتيلي: إن حقوق الفلسطينيين المائية تتراوح بين 800 مليون م3 إلى مليار م3 لا يستفيدون منها إلا 200 مليون في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف: 'نشتري كميات أخرى بشق الأنفس من الإسرائيليين، إنهم يملكون فيتو وسيطرة على المياه منذ العام 67، والمفاوضات بهذا الشأن عالقة'.
وعمليا ليس للفلسطينيين غير الأطلال على ضفاف نهر الأردن الغربية. هناك مقهي حمدان الذي كان ملاذا ليليا للقادمين من أريحا قبل عام 1967.
ومن أطلال المقهى يمكن الإطلال على عقدة الحياة المائية والقضية السياسية برمتها. إنه احتلال الأرض وأنهارها وجوفها.

جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر الشرطة الفلسطينية

حالة الطقس

أسعار العملات
03 مايو 2024
العملة
بيع

المناسبات الاجتماعية

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر