الوجه الآخر للبطولة

الوجه الآخر للبطولة
تاريخ النشر: 2025/04/24 - 12:12 مساءا

              الوجه الآخر للبطولة

مهندسوا الشرطة، صناع المعجزة الصامتة

رجال بلا سلاح، يقاتلون بالتقنية من أجل الوطن.

 

كتب العقيد علي العملة

مدير دائرة التوجيه السياسي والمعنوي.

 

في عالم تقاس فيه الإنجازات بالمهام والقضايا، هناك فئة صامتة تسند الأمن الوطني دون أن تظهر في العناوين، إنهم المهندسون الشرطيون، جنود خلف الكواليس لا يحملون السلاح، بل يدفعون عجلة التقدم بالتحديث، ويحمون الجبهة الرقمية، ويبتكرون الحلول لضمان استمرار المنظومة وتطور المؤسسة، وجدنا أنه من حقهم أن نكتب عنهم، لأن ما يقدمونه من عطاء لا يقل شرفًا ولا أهمية عن من هم في الميدان، فهم يصنعون الفرق دون ازعاج، فكان لزامًا أن نرفع عنهم الغطاء، ونعطيهم ما يستحقون من تقدير واعتراف.

 آن الأوان أن نكتب بمداد التقدير، وأن نرفع القبعة، لا مجاملةً بل إيمانا، لفئة عظيمة تعمل في الظل لتضيء مسار الشرطة الفلسطينية، فئة أمسكت وما زالت تمسك بمفاتيح المستقبل، وتهندس الأمن والعزة بكل ما أوتيت من علمٍ وتجربةٍ وحب.

إنهم فئة المهندسين في المؤسسة الشرطية… أولئك الذين لا تقاس إنجازاتهم بعدد الدوريات التي يقومون بها، ولا تحصى جهودهم في نشرات الأخبار، لكنهم، بلا مبالغة، عماد التطور، وأساس التميز، وروح التقدم في هذا الصرح الوطني العظيم.

 

هؤلاء الفرسان حماة من نوعٍ آخر، إن نظرت إليهم تجدهم لا يحملون السلاح، ولكنهم يقاتلون كل يوم من أجل تطويرٍ وتحسينٍ وتمكين المؤسسة الشرطية من أدوات العصر، نشاهدهم على الدوام خلف الشاشات، وفوق الأسطح، وبين الأسلاك، داخل المختبرات، وفي الورش، يكتبون سطور المجد بصمت،

فهؤلاء هم الذين جعلوا من التكنولوجيا أداةَ أمن، ومن الهندسة وسيلة حضارة، ومن تفاصيل العمل اليومي معجزةً صامتة.

 

يا سادة، إن نظرت إلى هؤلاء عن قرب، تجد قلوبهم مليئة بالانتماء والولاء، وعقولهم مشحونةً بالإبداع، فهؤلاء صنعوا من نقص الإمكانيات فرصًا للابتكار، ومن ضغط الواقع وقودا للتميز، فتجد من بينهم مهندسا مبدعا طور نظاما متقدما لحماية قواعد بيانات الشرطة من أي اختراق خارجي، وآخر أبدع في تصميم شبكات اتصال متطورة بين الفروع، وثالث وضع مخططاتٍ هندسية لمراكز أمنية أو شرطية تراعي أعلى معايير الجودة والكرامة الإنسانية.

 

ما رأيكم ان تبدأ رحلتنا معهم إلى إدارة الشؤون الإدارية، حيث يقطن فيها دائرة صيانة المركبات، ترى بداخلها مهندسون افذاذ ستراهم كالأطباء الذين يعالجون أجسادًا فولاذية لتنهض وتؤدي دورها في حماية المجتمع، فكل مركبة تخرج من تحت أيديهم، إنما هي شهادة جديدة على أن هناك مهندسا فلسطينيا رفض أن يرى مركبة الشرطة متعطلة وهو قادر على إعادتها إلى الحياة،

ما أعظمك، أيها المهندس الشرطي، حين تجعل من البرغي والقطعة المهترئة روحا جديدة في الميدان!

 

لنذهب هذه المرة في زيارة الى إدارة تكنولوجيا المعلومات، ستجد فيها سادة الزمان الرقمي، يتنقلون بين الأكواد والبرمجيات كما يتنقل المايسترو بين أوتار الموسيقى، نعم، هذه هي الحقيقة، لقد جعلوا المؤسسة الشرطية تعمل بانسيابية رقمية، من نظام البصمة إلى قواعد البيانات، من الربط الإلكتروني إلى الرقابة الذكية، ولم يكتفوا بالنقل، بل أبدعوا الحلول وصاغوا منظومات جعلت الأمن أكثر دقة، وأسرع استجابة، وأقرب للمواطن.

 

فما رأيك بزيارةٍ أخرى إلى إدارة الملوك، إدارة المختبر الجنائي؟ فستجد هناك الملوك الحقيقيين الذين لا يعلنون انتصاراتهم، لكن كل قضية تحل، وكل لغز جنائي يفك، تقف وراءه عقول هندسية جبارة، عملت على تحليلٍ وفحص وتطوير أدوات لاكتشاف الحقيقة، يا سادة، حق لنا بعد ما لمسناه من ابداع ان نقول عنه انه تحالف مقدس بين العلم والعدالة.

 

لا اريد أن أتوقف لأن الحكاية لم تنتهي بعد! لنعود مرة أخرى معا في جولة إلى إدارة الشؤون الإدارية، حيث تجد في قلبها دائرة الإنشاءات، والتخطيط العمراني، والبنى التحتية، هؤلاء هم من وضعوا اللبنة الأولى لكل مركز شرطةٍ متطور، ولكل مبنى يحفظ كرامة المواطن ويعكس هيبة الامن، والدولة، دعونا نتسائل، صمم ذلك ونفذه؟، أليسوا هم المهندسون الشرطيون الذين يحولون الخرائط إلى حقائق، والخيال إلى عمران، والأمن إلى فنٍ معماري؟

 

قبل أيام، اجتمعنا بهم لنتعرف عليهم أكثر، و لنقرأهم جيدا، ونسمع صوتهم. فصدقوني، قبل أن يتحدثوا، تكلمت ملامحهم، وما يحملون من تواضع المبدعين، وتعب المحبين، وعنفوان المؤمنين برسالة لا تكلفهم فقط ساعات العمل، بل تسرق من نومهم وراحتهم، ولا تردهم إلا وهم على يقينٍ بأن ما يقدمونه ليس لأجل الرواتب، بل لأجل فلسطين، لقد بلغناهم محبة القيادة، وفخر المسؤولين، وامتنان المؤسسة بهم.

قلناها لهم صراحة: أنتم لا تذكرون كثيرا… لأنكم تصنعون الكثير، لا بل فأنتم العمود الفقري الذي يقوم عليه كل إنجاز حديث، وأنتم من رفع سقف التوقعات، وزاد من جودة الأداء، كما أنكم ايها المبدعون الذين جعلتم من المؤسسة الشرطية الفلسطينية مؤسسةً ذكية، تواكب العالم، وتبهر في صمت.

 

أيها المهندسون الشرطيون، لا تخجلوا من عرقكم، ولا تصغروا أمام الكاميرات، لأن صورتكم الأجمل محفوظة في ذاكرة من عرف الحقيقة، إنكم ملوك في الميدان الهندسي، وأنتم الرواد الذين سيكتب التاريخ عنكم ذات يوم، بأن في الشرطة الفلسطينية وجدت كتيبة لا تحمل السلاح، ولكنها غيرت شكل الأمن، وطورت أدواته، ورفعت اسمه عاليا بين الأمم.

فأنتم، أيها المهندسون العظام، القيمة، والثروةُ، وأنتم في نظر القيادة… أحد أعمدة الوطن.


جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر الشرطة الفلسطينية


حالة الطقس

أسعار العملات
30 أبريل 2025
العملة
بيع

المناسبات الاجتماعية

تابعنا على فيسبوك

تابعنا على تويتر